منتدى الشعلة الحمراء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

غربة عاشق

اذهب الى الأسفل

غربة عاشق Empty غربة عاشق

مُساهمة من طرف البرينس الخميس أبريل 24, 2008 1:02 am

اذكر تلك الايــــام الجميلة، وذكراها يعيد الشباب الى ذاكــرتي.... بعد عقد مــن الزمن زرت ضيعتنا البسيطة، وجلست لـساعة على بـــــلاط الـــهوى؛

اتذكرين هذا المكان؟

ان اغرب ما شد دهشتي اسامينا؛ لقد تركها المطر ذكـــرى لكـــــل عــاشق

تنتـهي قصته على اشرعة العــــــــادات .


بينما انا جالس؛ نبهني مـــن غـــربة افكـــاري تسليم شيخ مســــنن

- السلام عليكم ورحمة الله.

- وعليكم السلام ايها الشيخ، تفضل بالجلوس

هذا الشيخ ابو سميح، تعرفينه، كان كلما رأنا ابتسم لنا بسمة تنم عن الرضا وقال:

نقل فؤادك ما استطعت من الهوى مـــا الحــــب الا للحــــبيب الاول

جلس على جنبي؛ ولكن هذه المرة اكلــــت الســـــنون بعضه، لــــم

يعرفني وفضلت الا يعرفني.

كل شيء هنا يربطني بماضيك وفيك، المكان؛ الشيخ ابو سميح؛ اسامينا المحفورة على الشجر والحجر.



نظر فّيّ الشيخ وقال: ماالذي يسرقك منك ياولدي، اراك تحمل حملا ثقيلا، صمت؛ كانت الاجابة تتحشرج في جوفي كانني اعانق احدى سكرات الموت، مع ذلك تبسمت في وجهه، وقلت له: اتذكر طفولتي.

تململ الشيخ، وكأنني وخزت له الذكريات واثرتها؛ ان تذكر شيخا بطفولته وشبابه هو انتصار له.

وبدأيقص عليّ حكاياته وشجاعته، اصغيت له لعل اجده انيسا لوحدتي وتجاوبت معه ...

- لقد كبرت يا شيخ ولا زلت مرتبطا بالارض.

- الشيخ:الارض تعني لي قصة حب ابدية، وحب الارض كحب النساء؛ ان وفيتها تبقى وفية لك.

ادهشني جواب الشيخ، حاولت ان اضيع طيفك في حكاياته، وهو نصبه تمثالا امام عيناي.

- صدقت؛ الارض حب يتوارثه الاحفاد عن الاجداد، وفجأة نظر الشيخ فيّ نظرة استجمع فيها احلى ذكرياته؛ وتأوه!

وقال لي: يا بني ان لي في هذه الارض ذكرى غالية، اغدو على ارضي كي ابقيها عالقة، وان مت سأدفن صرة التراب معي في قبري.

تبسمت له، واطرق رأسه بعدما عاد من الابحار في الماضي وقال: في هذه الارض تقاسمت الحب مع ام سميح، وزرعنا فيها غراس الوفاء الى جانب الزيتون والتين.....

تعجبت من قوله! فقال لي لا تتعجب ان تراني عجوزا؛فقلبي مازال في مقتبل الشباب!!

بيني وبين ابي سميح قاسم مشترك غريب كلانا يأتي الى الذي ربطه بحبيبته؛ ولكن الفرق هو يأتي ليخلد المكان في ذاكرته، بينما انا جئت لامحو ذكريات المكان الذي جمعنا .

- كيف تزوجتها؟

- اه.. ياولدي! اذكر ذلك اليوم بالتمام رغم سوء ذاكرتي، يوم الخميس مررت الى ارضي وكان الحر قطعة من جهنم؛ عطشت عطشا شديدا، ومشيت ابحث عن احد، تبدي لي من بعيد شخص؛ هرولت نحوه فاذا بفخرية(ام سميح)، استسقيتها فأسقتني.

نظرت اليها واذا بها تباري القمر رقة وجمالا، وتترفع عفة، شكرتها واكملت سيري؛ ولكن وجهها عشعش في مخيلتي وألح عليّ هواها

وبعد اسبوع مررت بنفس الارض، وجدتها اجمل مما رايتها في المرةالاولى، عرضت عليها الزواج؛ فلم تمانع.

- اذا احببتها من اول مرة!

- ابو سميح: من يرى مثل فخرية ولم يعشقها فذلك قلبه اعمى، وما زاد في حبي لها موقفها الشجاع معي.

- كيف ذلك؟

- ابو سميح:رفض ابي خطبتها لي بحجة انها ليست من عائلتنا وأبوها أعلن انه لن يزوجها الا من ابن عمها، هذه التقاليد كادت تذبحنا !!

قلت في نفسي كادت تذبحك، اما انا فقد ذبحتني، استطرد كلامه: ان للعادات في ضيعتنا توازي القانون.

- هل تؤمن بهذه العادات والتقاليد يا شيخ؟

- ابو سميح: بالرغم من انني تربيت في احضانها، الا اني ارفضها؛ هذه التقاليد كادت ان تضيع قرة عيني ام سميح، تزوجنا مدة عشرين عاما ولم ننجب اطفالا ولكن انجبنا حبا خالدا.

الان عرفت لغز حبه لنا، اتذكرين كان يداعبنا، حتما كان يرىفينا قصته، اترين؟! هي رحلت الى خالقها اما انت رحلت الى غيري....

- حدثني عن قصة تخطر ببالك دائما

- ابو سميح: ساخبرك بقصة عمرها عشر سنوات، حدثت في ضيعتنا؛ كان شاب وسيم يحب فتاة، وكان حبهما جنونيا؛ يلتقيان بين حين واخر في هذا المكان الذي نجلس فيه الان، وكلما رايتهما داعبتهما ببعض ابيات الشعر.

انكشف امرهما وعلى ما قيل رفض أبوها تزويجها لهذا الشاب لان ظروفه صعبة، واقنعوها بالزواج من ابن مهاجر في حارة العين؛واقتنعت لا أعلم كيف استطاعت وأد حبها الاول.

لم يحتمل الشاب، عروسه تزف الى غيره وبرضاها، قيل انه انتحروقيل انه هاجر... والله أعلم.

- فعلا انها قصة مأساوية، كدت ابكي لولا اني مسكت دموعي؛ واستأذنت الشيخ بالرحيل. أترين! اصبحت قصتنا رمزا للنهايات المؤلمة!

رجعت الى الضيعة ونفسي تتنازع الى نفسي، فلم اعد اطيق الحارة، ساعود من حيث اتيت.

استوقفني صديقي زاهر: اين انت يا صديقي

- اني هنا انقب في الماضي والذكريات!

- زاهرك الم تنس بعد؟!

- وهل يستطيع الانيان التخلص من قلبه؟

-زاهر: قم لنذهب الى بيتنا، الشاي بالمرمية ينتظرنا

سرت مع زاهر في شوارع القرية؛ وكنت اتمنى ان القاك ولا اتمنى في نفس الوقت.

نعم كان حدسي صادقا، لقد رأيتك مع مجموعة من نسوة الحارة تسيرين الى عرس في القرية كما علمت.

وقفت! وانسلخت روحي عن جسدي وذهبت اليك مسرعة، نسيت في لحظة جرحي الغائر منك، لكن صوت طفلك (ماما: انتظريني) اعادها اليّ منهكة في غربة اخرى، وبقيت قابعا في غربتي.


البرينس

عدد الرسائل : 17
تاريخ التسجيل : 23/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى