منتدى الشعلة الحمراء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل Empty احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل

مُساهمة من طرف freedom Routes الأربعاء مارس 19, 2008 5:53 pm

احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل DSCF0963
تحيه حمراء
اتمنى ان يقرأ لا ان تردوا بكلمات مشكور وغيرها ذلك لاهميه الموضوع


الدكتور جورج حبش، القائد الجليل
أحمد قطامش

هل رحل أم رحل المشروع الذي يمثل؟
الرجل الكاريزماتي الذي كان يرى أبعد من السطح، ويسبق غيره في التفكير
براكسيس متشعب، قاتل بشرف، وغادر بشرف

أن أبوح في لحظة تفجُّع إنما تختلط خفقات قلبي بمداد كلماتي. لقد هممت من قبل غير أن قلمي لم يسعفني.

إلى روح صديقي الكبير التي تجلجل في أعماقي، إلى الرجل الرسالة الذي جعلني أعيش حالة انخطاف على امتداد زمني الواعي، فكان عنصراً فاعلاً في صنع صفحات من تاريخ أمتنا في مرحلة هبوب رياح التحرر القومي، وعنصراً متصديا لمرحلة الردة وحراكها الطبقي اليميني، وثائراً طليعياً، على الزمان والمكان اللذين نجما عن التطهير العرقي وعذابات شعبنا المشرد فامتشق راية الكفاح العنيد في زمن الهزيمة والذلة متجشماً ببطولة أسطورية تحديات ومخاطرات أن يكون في المقدمة والاستدارة بشعبنا من طوابير الإعاشة إلى كتائب الفداء في سبيل قضيته العادلة في الحرية والكرامة والعودة. (هدفنا النهائي تحرير أنفسنا وغيرنا) وبلغة بول فريري (ثورة المقهورين تحررهم وتحرر قاهريهم) في (دولة ديموقراطية) علمانية، يعيش فيها العرب واليهود بمساواة وأخوّة حقيقية).

وعلى مدار ستة عقود، انغمس الحكيم، بجماع شخصيته. وكما وصفته مجموعة فرنسية (لم نعرف قائداً أخلص وتفانى كما أخلص الحكيم وتفانى) سائراً على الأشواك والألغام في منعطفات شتى، ومخاضات كبرى، اتسعت للمد والجزر، لمؤامرات الذبح السياسي والذبح العسكري، للحصار الخانق وتلاعبات الأخوة الأعداء. فمحايثة الحكيم أن يكون حيث يكون التمرد والثورة، ولكن ليجسد حالة من الرقي والإبداع وغزارة الخيال.

لقد اختبر حياة السجون وحياة التخفي، وعاش طريداً مستهدفاً سنوات وسنوات، لا يستقر على حال، تشاطره زوجته أم الميس رحلة اقتحام السماء وقلق الوالدين على ابنتيهما. عمل بطاقة جيش، الليل والنهار، لأنهاض إرادة المقموعين في أزقة المخيمات، ودروب الجوع والأوساط المستنيرة في رام الله والقدس وعمان وبيروت ودمشق، وطاف في عواصم الدنيا لاستدراج التأييد (إنني أغبطكم فالمرأة الفلسطينية هي الوحيدة التي تزغرد على استشهاد ابنها فقضيتكم أعدل قضية) أعلن رئيس اتحاد الكتاب الأتراك أمامه. رأى بأم عينيه جثث أبناء مدينته اللد، وجثامين الشهداء في مخيم الوحدات وتل الزعتر... والقافلة طويلة.. وفي الذكرى 40 لاستشهاد تغريد البطمة عام 81، وقف خطيبا غير أن
قلبه المرهف ودماغه الذي ينوء بالأحمال لم يقويا على الاحتمال. فمن المنصة إلى المستشفى، ومن مشفى في بلاد عربية إلى مشفى في بلاد أجنبية (إنه يقاوم بإرادته لا بجسمه ثمة قضية تشغلة) جاء في التقرير الطبي.

مسيرة الحكيم ملحمية، نقلت الأسطورة الإغريقية إلى رواية واقعية من لحم ودم، ما أن يخرج من معركة حتى ينخرط في أخرى، تحركه الأحلام، فهو حالم عظيم، وكما العنقاء يخرج من تحت الرماد (لماذا لم أستشهد في بيروت، لقد سحبوني مرات من خط القتال؟) وكما طائر منيرفا الذي لا يأتي إلا عند الغسق، فإن حكمة الحكيم وخبرته وحسه التاريخي قد تكونت بتدرج عبر خط تركيمي مديد وعاصف.

وفي اشتداد الظروف أو سهولتها لم تتعوّم لدية خارطة الوطن أو تختزل. وبقي مزيجاً من رجل الفكر ورجل السياسة ومن حملة المبادئ بل وصانع مبادئ كبير. وعلى غرار ماركس (إياكم والتنازل النظري، إياكم والمساومة على المبادئ) نحت مقولته (لا ينبغي أن ينتهك التاكتيك الإستراتيجية، ولا ينبغي أن تنتهك السياسة الأيديولوجية) لأنه (يمكن التغلب على هزيمة عسكرية ويمكن التغلب على هزيمة سياسية، أما الهزيمة الثقافية فهي أمّر وأقسى). وكتب عن القانون المؤقت لازدواج السلطة فإما أن تطيح الحركة الثورية بالنظام الرجعي أو العكس، وقد ميز شأن دوبرية بين الأزمة الثورية حيث ينشب الصراع دون حسم وبين الوضع الثوري حيث يسحق طرف الطرف الأخر.

وكعقل نظري فذ كان يستقرئ ويستخلص: فنكبة 48 (كشفت عن عجز الأنظمة التقليدية وتواطؤها ) نصف الإقطاعية نصف "البرجوازية" وجاء رده بتأسيس حركة القوميين العرب وقيادتها بطابعها الديموقراطي الثوري وتصنيفه (الرجعية العربية ضمن معسكر الأعداء). وأن العلاقة معهما صراعية. أما هزيمة أنظمة البرجوازية القومية وبرامجها عام 67 فقد حفزته مع عوامل أخرى للانتقال (إلى مواقع اليسار الماركسي الثوري) وتأسيسه وقيادته فصيلة فدائية هي الجبهة الشعبية مستخلصاً (لقد سقط الدور القيادي للبرجوازية القومية دون أن يسقط دورها التاريخي) أما القانون الذي يحكم علاقتنا معها فهو (التحالف والصراع) (وليس لدينا هانوي العرب لكي نأتمنها على مسيرتنا). رغم علاقته الوثيقة بالرئيس عبد الناصر وانتظام لقاء فصلي بينهما منذ عام 1964.

ومع انتقال شرائح وقيادات برجوازية عربية إلى الأرضية الامبريالية – الصهيونية في السبعينيات، وانعقاد مؤتمر جنيف عام 74، واتفاقية كامب ديفيد عام 78 أنشأ (في مواجهتنا للمخطط الامبريالي إنما نستند للسلاح القومي والسلاح الطبقي. علينا التصدي للبرجوازية المستسلمة وقطاعات من البرجوازية الكومبرادورية المتحالفة مع الامبريالية والصهيونية ضد الجماهير الشعبية الكادحة)، (إن لسياسة كامب ديفيد جذوراً اقتصادية. ورغم دور السادات الشخصي فهي محصلة عوامل اقتصادية – اجتماعية..) في ربط بنيوي بين الطبقي والقومي (لأن من أسلحة الامبريالية ضرب الفكرة القومية العربية، وضرب الفكرة القومية العربية يعني ضرب الجبهة القومية العربية، وقضية الوحدة بآفاق تقدمية)، (لقد غدت مهمات الثورة الوطنية الديموقراطية بآفاق اشتراكية مهمة الجماهير الشعبية) بما يحيلنا إلى غرامشي عن (الكتلة التاريخية التقدمية) وسمير أمين عن (الطبقات الشعبية).

أما فلسطينياً، (فبعد تفكير عميق) وهذا تعبير يتردد في ثنايا خطابات وأحاديث الحكيم توصلت إلى (أن أهدافنا الوطنية غير قابلة للانتصار بقيادة اليمين البرجوازي). نعم (لقد تصدرت البرجوازية الكفاح المسلح وكانت صادقة... لكن أمام صعوبات المسيرة بدأت بالتراجع البرنامجي مرحلة بعد مرحلة... وهي تراهن أن تخرج بشيء وهذا الشيء ستقدمه للضفة وغزة، وستنظر بعض القطاعات أن هذا الشيء هو الشيء الوحيد الممكن). قال هذا الكلام قبل أوسلو بعقد، وأضاف في 1/1984 (أن العناصر المتنفذة وصلت لقناعة: لقد بذلنا كل شيء ولنأخذ ما يمكن أخذه... إن لديها استعدادات حقيقية للتعاطي مع الحلول الأمريكية، في الوقت المناسب).

والحكيم الذي استخرج قانون (الوحدة والصراع) في إطار م.ت.ف كإطار جبهوي وطني أشار في خطابه أمام اتحاد الكتاب الفلسطينيين في نيسان 84 (هناك طبقة بأكملها تريد تعريب كامب ديفيد... إما أن تبقى م.ت.ف على أرضية وطنية أو تنتقل للأرضية اللاوطنية) واستخلص نظرياً (بأن البرجوازية الفلسطينية وبرامجها لم تعد قادرة على تحقيق الدولة والأهداف الوطنية) وبعدئذ تعرض لليسار نقدياً.

لم يتقلب ولم يتزحزح عن تقييمه للامبريالية الأمريكية فهي (رأس الحية) و(معادية لتقرير المصير والقضية العربية) و (حليف استراتيجي للسياسات الاحتلالية العنصرية) ولم يرتهن لها ولم يلهث لاسترضائها ولما صادف شقيق كارتر في ليبيا قال له (اننا لا نخاف أمريكا) منسجما مع كاسترو الذي تحدى الإمبراطورية بدأب (لا نفع من الرأسمالية، في شجرة متعفنة الجذور، لا ينبت منها إلا أسوأ أشكال الفردية والفساد واللامساواة) و (نغرق الجزيرة في البحر ولا نسلّمها للامبرياليين) و (هناك 30 شركة عالمية تحتكر 70% من السوق العالمية) هيكل، بما يتناغم مع المنظور اللينيني عن (الامبريالية المتعفنة، مشعلة الحرائق والحروب لاقتسام العالم، وإعادة اقتسامه بين ضواري رأس المال) بل وأصبحت أكثر بربرية في مرحلة العولمة وإمبراطورية الاحتكارات. لقد شكل ألحكيم عقبة حقيقية، على امتداد عقود، لمنع الساحة الفلسطينية من التكيف مع الاشتراطات الأمريكية.

وفي زمن الجيشان الانتفاضي 87 – 90 أستخلص (لقد انتقل مركز ثقل النضال الوطني للداخل بما يحمله ذلك من معاني سياسية، واستحقاقات تنظيمية) وكرر شعار الانتفاضة (لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة) ورفض المساومة عليها أو تثميرها سياسياً بما يعاكس شعارها بالحرية والاستقلال، ولم يتردد في السير بعيداً عن نهج أوسلو وتراكيبه السياسية مثلما رفض المشاركة في انتخابات "التشريعي" 96.

الحكيم مسيرة تاريخية، براكسيس متشعب، تاريخ يمشي على قدمين، يفعل وينفعل في آن، في جدلية متصاعدة، وحيثما وطأ إنما يسترشد بمقولة ماركس (إننا لا نعترف إلا بالتاريخ وعلم التاريخ) وينخرط حد النخاع في الراهن وتعقيداته ومعاركه الفكرية / السياسية / القتالية مترسماً طريق صنع المستقبل. فهو ليس أكاديميا نرجسياً تستهويه الشعارات المجردة التي تنتمي إلى فصيلة انزياح الواقع، بل هو في قلب المعمعان، يتحد في ممارسته الفكر والعمل، محافظاً على حماسه اللحظة الأولى (خاصية مشتركة مع كاسترو الذي استقبله بسيارته في المطار) وكأنه بركان معنوي لا يعرف الخمود. وكرئيس للمركز البحثي (الغد العربي) الذي شاركته عضوية مجلس الأمناء مع الرئيس السابق بن بيلا، والدكتور بلقزير، والدكتور برقاوي، والراحل الدكتور عبد الشافي... حادثته هاتفياً عشرات وعشرات المرات، وفي أحلك اللحظات، وأكثرها إرباكاً سيما ودينامية تفكيكية تغوص عميقاً في المشروع الوطني والشعب الفلسطيني إلى حد تباين أولويات تجمعاته، وما طرأ على المقولة الحزبية من تفكك وانكماش كان على الدوام صافي البصيرة، رابط الجأش، يعثر على عناصر تبعث على التفاؤل، تستهويه كلمات غرامشي عن (تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة) مستدعياً لوحة التناقضات وصيرورتها وكلمات هيجل (إن إمكانات التاريخ أوسع من الواقع)، فهو يراهن على الممكن التاريخي (فمشكلتنا –كيسنجر- مع الفيتناميين أنهم يثقون بالمستقبل). والحكيم هو صاحب كلمات (بالاقتناع والتصميم، بالاقتناع والتصميم مرة أخرى) إذ (علينا أن نكون بشجاعة خالد وعدالة عمر وأصحاب مشروع كعيسى ومحمد)... ومصداقية هذه الكلمات إنما جسدها في دراما مسيرته، بما يشبه نصائح كاسترو الداعية (لمحاسبة الذات بعيداً عن طمع السلطة والغرور والتباهي... فأخلاقياتنا ليست أخلاقات البرجوازية... الاشتراكية أو البربرية). وكلمات لينين (لا ينبغي تحويل الهبوط إلى نظرية) و(لا تدافعوا عن الكذب وانخفاض المستوى).

يتبع في الرد القادم ذلك لان صفحه الموضوع لا تكفي


عدل سابقا من قبل freedom Routes في الأربعاء مارس 19, 2008 5:59 pm عدل 1 مرات
freedom Routes
freedom Routes
عضو مميز
عضو مميز

عدد الرسائل : 429
تاريخ التسجيل : 10/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل Empty رد: احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل

مُساهمة من طرف freedom Routes الأربعاء مارس 19, 2008 5:56 pm

والذين عايشوا الحكيم يعرفون مدى رهافته ودماثته ونظافة قلبه ولسانه ويده. وكما وصفته الراحلة رسمية البرغوثي (لم أعرف إنساناً يحب الناس أكثر منه، فهو دائم السؤال عن ذوي الرفقاء وعائلات الشهداء ولا ينسى تقديم هدية في هذه المناسبة أو تلك). وبرنامج عمله المكتظ يومياً ونفوره الشديد من هدر الوقت كان يحتضن ما يكفي من علاقات إنسانية وهو الذي يخاطب ويصغي برهافة وانتباه للصغير قبل الكبير مبتعدا عن التهكم والزجر وكان يرد على السخرية من عدم كفاءة بعض المحيطين به (ليس لدينا شعبا آخر) ويخاطب المقربين منه! (ابني وحبيبي).

هذا الرجل المتفولذ الذي طوقته شظايا الصواريخ وزخات الرصاص مرات ومرات، عربية وإسرائيلية، واستهدفته أجهزة أمنية عديدة، وجفف موارده الشركاء والحلفاء على حدٍ سواء... كانت دموعه تنهمر مدرارة في مواقف عديدة ويختنق صوته بالبحة في مواقف أكثر (كخاصية مشتركة مع هوتشي مينه).

فدكتور الأطفال أحب الأطفال وكان يدعو لنضال نظيف، وهذا لم يفهمه الإسرائيليون قط حتى انه لم يجرؤ سياسي مرموق واحد منهم على قول ما قاله الحكيم (دولة ديموقراطية يعيش فيها العرب واليهود بمساواة) مستعيناً بنموذج جنوب أفريقيا في نية صادقة لحل التناقض الجوهري. واقل من ذلك لقد رد بيغن على العالم الإسرائيلي موشي عوز (مارسوا مثالياتكم ودعونا نمارس سياستنا) في محاولة لإدارة الأزمة دون حلها حتى لو استغرقت الحروب أجيالا وأجيال (ألمهم هو المصالح الاقتصادية لا السلام) بيرس ومثلما وصفت الدعاية الرأسمالية ماركس (بالدكتور الإرهابي الأحمر) تصف نفس الدعاية الدكتور جورج حبش. وعموماً يتعذر وجود مدرسة سياسية – فكرية ثورية دون أخلاقيات ثورية وإنسانية. وهذه إحدى سمات الحكيم الذي مزج السياسة بالأخلاق، وفي ذات الوقت إحدى إخلالات العمل الفلسطيني اليوم.

كان يتساءل بين الوقت والآخر: هل ثمة فرصة أمامنا... هل يمكن أن ننتصر؟ وهذا السؤال أثاره مع الشهيد صلاح خلف وسواه.

بقلق الفيلسوف يتساءل وبعزيمة المجالدين يعمل. وقد أعجبته مقاربة (إن أحد أهم مزايا اللينينية هي الثبات على المبدأ) فالثبات يعدل ميزان القوى، ولولا الثبات لما أطاح لينين بالقيصرية ولما نجحت مقولته (أعطني دزينة من الثوريين اقلب روسيا رأساً على عقب). وكان يربأ بنفسه عن البراغماتية السياسية التي تتخلى عن المبادئ والحقوق نظير مكاسب صغيرة. فهو قارئ للتاريخ، ويعرف أن لا أحد يحالفه اليقين، ولكن ثمة ما يكفي من أساس ليقول (لا مستقبل للعنصرية، ومساومتها تزيدها شراهة أما المستقبل فهو للإنسانية والعدالة). فما كان يشدّه هو البقاء في ضوء المبادئ لا في دائرة الضوء، المبادئ القادرة على (التوعية والتنظيم والتغيير) بعيداً عن الدجل السياسي والاستعراضية الجوفاء، والكذب كأمراض تنتقل من القاهرين ويتماهى فيها المقهورون لبعض الوقت (فريري) ناهيكم عن (نرجسية وسادية ومازوخية) بعض المثقفين (بلقزيز) وأنصاف السياسيين، الذين (لا يفكرون لأنهم يعملون ضد أنفسهم) العالم المصري الباز.

والحكيم الذي كان يرى (الحياة قصيرة وعلينا انجاز شيء لشعبنا بما يساعده على المضي للأمام) ترجّل عن الزعامة طوعاً، ليستأنف دوره من موقع جديد حتى آخر رمق، لم يكن يسارياً إعتذارياً، إذ بقي منحازاً للفقراء والشغيلة والمعذبين، ومن هنا تتردد في خطاباته ومداخلاته مفردات من طراز (عذابات، جماهير، تضحيات...) وهو يراهن على الجماهير كصانع للتاريخ وحامي للقيادة. وتصحيح الأمور... وهو منحاز للعقل الطليق والتفكير العلمي والنظرية الثورية وبلغة كاسترو (علينا أن نكون ديالكتيكيين ومبدعين). وفي آواخر حياته أعرب الحكيم عن رغبته في الكتابة حول موضوعة التحول من الهوية الديموقراطية الثورية إلى الهوية اليسارية الماركسية... المسوغات، الاشتراطات، القوانين، المعايير، التجليات... المعيقات، وأثار سؤالاً كبيراً: لماذا لم ننتصر؟ ولم تبهر الحكيم العبارات الطنانة المحفوظة من الكتب بل التحليل الملموس للواقع الملموس.

وعندما انهار الاتحاد السوفييتي علق بالقول (إن تأثري أقل من سواي، وذلك أنني أعرف أن الرأسمالية ليست خالدة، ولم نكن في يوم من أنصار النمذجة والتقليد الأعمى. فالذي يريد أن يفهمنا عليه أن يفهم أننا نفكر وهو الذي صاغ قانون (التحالف والنقد) في العلاقة مع البلدان الاشتراكية وقوى اليسار العالمي. (الحياة لن تتوقف وتناقضات الرأسمالية تحفر قبرها رغم ثورتها التقنية).. ببصيرة أفلاطونية يتحدث كما في (المدينة الفاضلة والنزوع لمجتمع أفضل). وكان لسقوط نظام الآبارتهايد في جنوب أفريقيا أثر منهاجي على تفكيره (العنصرية إلى زوال... فقد انهارت بعد ثلاثة قرون) وقد إستنبأ ضمنيا بالمد اليساري في القارة اللاتينية الذي اكتسح نظم التبعية والارتباط في أهم البلدان وأكثرها تصنيعاً (البرازيل)، وغنى (فنزويلا)... مثلما صمدت جزيرة الحرية وخرجت من عنق الزجاجة، ويحتفظ الحكيم بذكريات خاصة عن كوبا وقيادتها وسياستها الأممية الفعالة وكان يتابع صعود قوى اليسار في الهند حيث يحكم في ثلاث ولايات تعداد سكانها 120 مليون نسمة علاوة على انتشارها في أرجاء البلاد وامتداد حركة مقاتلة في ثلث الريف.

(الصدق في السياسة –لينين- هو مطابقة الأقوال بالأفعال) وعشرات الجنازات وبيوت العزاء التي أقيمت في الوطن والشتات بمشاركة شعبية واسعة من كل التلاوين وكلمات الإكبار وما بثته وسائل الإعلام المرئية وسيل المقالات في الصحافة المقروءة... كانت إجماعاً على سجايا الحكيم ومنزلته. إذ لولا صدقه السياسي وصدقه الإنساني لما حظي بمثل هذا التقدير. فقد ترك بصماته على ملايين الفلسطينيين والعرب بل وتحت مظلته تربى عشرات القادة الفلسطينيين والعرب ونسج علاقات تضامنية مع عشرات الحركات الثورية العربية والأممية.

والحكيم، المتواضع، اختصر دوره بمنجزين:
1) ثورة اليمن التي قادت الشعب نحو الاستقلال عن المستعمر البريطاني بقيادة فرع القوميين العرب.
2) تأسيس وقيادة الجبهة الشعبية بما لها من دور في الساحة الفلسطينية خاصة ما قبل أوسلو.

وأجرؤ على إضافة منجزين آخرين: دوره في نشر العقلانية الثورية وقيم المواطنة، وحرية الاختيار، وتحرير ومساواة المرأة... بما لهذه المقولات من أهمية في وعي اجتماعي تطغى عليه الخرافة والجبرية والطائفية والعشائرية... وصولا إلى المقولات الطبقية عن نهب الامبريالية للثروات العربية واستغلال الطبقات الرأسمالية للشغيلة والعمال... ودور الثقافة والمثقفين النقديين، وهو واحد منهم، وعلى صلة نشطة مع ألمعهم ومن تعابيره المفضلة (المهم التركيز على المضمون وعلى المظهر الرئيس للأفكار)، (المهم رؤية الأمور من كل الزوايا ورؤية ترابطها وحركتها واستخلاص الدروس).

وما مثله من خط أخلاقي نزيه، يتمتع بنقاوة عالية وايثارية، ووفاء للتضحيات وسلوك متحضر وروح جمعية وشخصية محاورة وصديقة وقد عرّف الصداقة (بأنها مصارحة بلا حدود، وأن يحمل الواحد هم الآخر دون أن يسأله، ونضال في سبيل أهداف مشتركة).

وصدقه نزع احترام سواه، وقد قال للرئيس الراحل الأسد (سنحافظ على خط سياسي وخط إعلامي مستقل، وأنا عربي، وسوريا بلاد عربية، ومن حقي الإقامة فيها) والتباينات لم تمنع الرئيس الأسد من إرسال طائرة خاصة لنقله من مستشفى في بيروت إلى مستشفى في براغ. وقال للرئيس العراقي صدام (لست في عمر يسمح لي بالمجاملة... فدخولكم الكويت مغامرة ومن الضروري توحيد البيت الداخلي) ولقائد ثورة الفاتح القذافي الذي دعاه للإقامة في ليبيا (لان مهامك اكبر من العمل الفلسطيني)، (إن الامبريالية تسعى لتغطيسكم في رمال تشاد، اسحبوا قواتكم) وللرئيس عبد الناصر (أننا نقود ثورة اليمن وأجهزة بيروقراطية لديكم تشوش سياستكم)... وفي دورات المجلس الوطني كان القائد الوحيد الذي تصفق له فتح، مثلما تصفق لرئيس المنظمة أبو عمار رغم الخلافات)، (لقد عرفت عرفات أكثر أثناء حصار بيروت).

وصفات الحكيم المتحضرة النبيلة البعيدة عن السلطوية والفظاظة كان لها دورها في محاصرة التناقضات الداخلية وتخفيض حدتها، إذ لم يكن إقصائياً أو تآمريا ً أو من الذين يسهل عليهم بذاءة اللسان والضغط على الزناد. وتوجهه قراءته للتناقض الأساسي والتناقض الرئيس والتناقضات الثانوية والعارضة، ويرى جدليتها دون الخلط بينها. ومن هنا جاءت كلماته عام 83 (يجب أن تحسم التناقضات الفلسطينية عن طريق النضال السياسي والجماهيري، وعن طريق الحوار. مجرم من بدأ القتال ومجرم من فكر فيه، وخطط له، ومجرم من يغذيه) وقد دفع ثمن ذلك... ونعرف عن أخلاقية الحكيم أكثر عندما نعلم أنه رحل عن الدنيا دون أن يترك لعائلته أي رصيد مالي، أسوة بعبد الناصر الذي أورث عائلته 67 دولاراً!!!

وانسجاماً مع قناعته بالتجديد راح يهيء عام 89 لإعطاء فرصة للدماء الشبابية، والتفرغ للعمل الفكري وتأريخ تجارب ثورية عربية، و (إن لم أؤرخ تجربة القومين العرب والجبهة أموت وفي قلبي حسرة) وهو القائد الفلسطيني الوحيد الذي ترجل عن فرس القيادة طواعية دون أن يغادر ساحة العمل الدؤوب بما أثبت كلمة ماركس عن(الإنسان الشامل) متعدد الأبعاد والمهارات.

أما إن كان المحترف أو المتفرغ في مؤسسة سواء كان سلطوية أو حزبية لا يتقن من فرص الدنيا سوى وظيفته حينها سيدافع عنها بأسنانه وأظافره حماية لوظيفته وبذلك يتحول تفرغه من دور عمومي لخدمة الوطن وتضحيات في سبيل الشعب إلى وظيفة تعتاش منها عائلته بصرف النظر عن إسقاطات ذلك على الوطن والشعب.

وكما عرفات وكاسترو وعبد الناصر كان يمتد عمل الحكيم بين 14 – 16 ساعة يوميا، ولغة إجازة لم يعرفها إلا لماما، حتى أنه عاد لمزاولة مهامه بعد ثلاثة أيام من زواجه من رفيقة دربه الرفيقة هيلدا التي شاركته الأيام حلوها ومرها، والهموم والأوجاع والأحلام... بما تتمتع به من شخصية قوية مصابرة، بل وشكلت سياجاً حامياً له في محطات خطرة عديدة، وكان لها دورها الرئيس في الحيلولة دون اختطافه من رحلته العلاجية في فرنسا التي صدر عنها كتاب بعنوان (رجل يهز فرنسا) وقد وصلني نسخة منه مع إهداء لفتتني العبارة التالية فيه (في زمن انقلبت فيه المقاييس والمفاهيم... تحولت رحلتنا العلاجية لقضية سياسية أثارت عاصفة هوجاء، أطاحت بعدد من كبار المسؤولين، مع خالص محبتنا. جورج وهيلدا حبش). وحينما اتصلت هاتفيا بأم الميس معزيا برحيل الحكيم مرة ورحيل أمها التي دأبت على مشاطرتها حياتها دون توقف، تلجلج صوتي مرتين، أما أم الميس فكان صوتها صريحاً قوياً متفجعاً (راح من بين أيدينا ولم استطع إنقاذه) يشغلها ترجمة كتاب (الثوريون لا يموتون) وجمع إرث الحكيم (إنصافا له).

تمتع الحكيم بقوة معنوية هائلة، لا تعرف الفتور، قادرة على استنهاض همة أعداد كبيرة من الناس، ليس بالتفتيش عن عناصر تحليلية تبعث على التفاؤل، وليس بتقديم قراءة لحركة التاريخ وحسب، بل ما يملكه من غزارة ثقافية وسلوك عملي يشكل قوة مثال أيضاً وقدرة على اجتراح إجابات وبناء منصة انطلاق بعد كل واقعة. والحكيم سياسي ومثقف ومن نصائحه (اقرأوا هيجل قبل ماركس، سان سيمون وريكاردو وآدم سميث، ابن خلدون وابن رشد، ولينين وجيفارا، وسمير أمين. أقرأوا بنفنستي وتجارب القادة الصهاينة... هل تتابعون الصحف العبرية وتقرير مراقبة امن الدولة... وما أخر آراء شاحاك وعوز، وصدر كتاب لابن شاريت هل ثمة ترجمة عربية أو انجليزية... وماذا يقول المؤرخون الجدد وما بعد الصهيونية؟ (اعرف عدوك) طرزت هذه المقولة غلاف مجلة الهدف قبل وبما يتقاطع مع كلمات ادوارد سعيد (في سعينا نحو العدالة لا يكفي أن نعرف أنفسنا. على معرفتنا أن تكون كالرحالة في اكتشاف الآخرين) أكثروا من قراءة الأدب وأشعار درويش والقاسم وكنفاني والأقلام الشبابية. وقد أوصى بقراءة كتاب الدكتور دراج (بؤس الثقافة) لما فيه من جوانب مفيدة. فقد تخلفت المؤسسة السياسية والكثير من الطلاء إنما يهدف لإخفاء الخيبات المتلاحقة.

وحينما اشتركنا في مركز الغد العربي بإصداراته وندواته إنما أثار حمية ووّلد أسئلة جديدة وأحلاماً جديدة.

نظر باهتمام لكلمة لينين (أن حزبنا حزب الشباب، والمستقبل ملك الشباب، والشباب أول ما يبادر إلى التضحية). (التجديد ودون تجديد تحل الرتابة والشيخوخة) فهو خزان حكمه، حكمة الشيوخ المستقاه من تجارب عميقة، وروح شبابية وثابة (لولا الوقوع في الإرادوية والرغائبية لقلت ينبغي كذا...) يتجشم مهاما لا يقوى عليها إلا الشباب، علما أن هموم الزمن حاولت أن تنال من جسمه الناهض دون أن تنال من إرادته ومن نفاذ بصيرته ودون أن تفارقه وسامة الرجولة المميزة أيضا. ففيه يتناغم الشكل مع المحتوى.

لقد تفاخر في تقرير تنظيمي للمؤتمر الخامس 93 (إن أغلبية البنية شبابية ونسبة المرأة ارتفعت وهي في الداخل ضعفها في الخارج، وحضور العمال ارتفع بشكل ملحوظ في القاعدة، واللجان الكادرية والهيئات المركزية والذين حصلوا على دورات فكرية في تزايد إضافة للتثقيف في السجون... ولكن كل هذا لا يكفي. إننا أمام تحديات جديدة وجدية).

والحكيم منظم من طراز رفيع أثبت مقدرة على تأسيس وقيادة حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية التي كانت قوة ثانية تحت قيادته حتى أوسلو وأثبت مقدرة على تطويرهما سياسيا وفكريا وتنظيميا رغم الضربات والمؤامرات والإغراءات.

ولما سئل عن فك الارتباط التنظيمي بين الجبهة وحزب العمل الاشتراكي في أواخر السبعينات أجاب إننا (منشغلون بأعباء ومعارك الحلقة الفلسطينية، أما أن نتولى مهمة حزبية قومية فهذا يتطلب إمكانات تفوق إمكاناتنا، رغم أننا نقيم علاقات وثيقة ولا نتردد في تقديم الخبرة والاسناد، ليس على صعيد قومي فقط بل وأممي أيضاً. أما الوصول لرؤية برنامجية قومية وقيادة قومية، فهو يصطدم بعقبات ليس وحدنا من يذللها ناهيكم أن الأداةأ أ اليسارية العربية لا تنحصر في حزب العمل بل وهنالك قوى عديدة أخرى) وكانت له علاقة خاصة بالشهيد جورج حاوي أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني وهما معا من أسس جبهة المقاومة عام 1982.

ومعلوم أن الحكيم علاوة على أنه قائد أول ومن مؤسسي الثورة المعاصرة فهو الجذر والبيدر الذي زرع وحصد، وكان شجرة خضراء مثمرة وقد أضاف وعيا على العقل الفلسطيني والعربي وله اشراقاته البعيدة عن النمطية. ومن جايلوني عزفوا على لحنه مفعمين بأمثولته فهو عامل التحفيز الأعظم الذي يضيء عتمة الأسئلة والمسالك الغامضة ,إضافة إلى أنه شخصية موحية بشرت بطول النفس وإمكانية الانتصار والترفع عن الصغائر دون إهمال لتفاصيل العمل.

كنا نترسم طريقنا بناء على تصريح له أو خطاب يتضمن تحليلا، فقد تميز بقدرة تحليلية تذهب للنهايات وتفكيره يسبق غيره مسافات، ويقول كلمته في الوقت المناسب (هذه سمات لينين أيضاً) ويفسح مجالا لنقاش القضايا الجدالية مرة ومرات، وتقنياً فهو غالباً أخر المتحدثين في الاجتماعات القيادية، أما رأيه فهو الأكثر حسما وهيبة.

ولأن مقارباته لم تكن تكراراً ملولاً ولا تخضع لإملاءات أحد فقد اختلف مع أطراف ودول وقيادات. وهو صاحب مقولة (أن القابض على المبدأ كالقابض على الجمر) ويمكننا تبين المعنى إذا استدعينا أربعة أمثلة:
1) قطع المساعدة الليبية والمخصص من م.ت.ف في نفس الوقت ولسنوات، لأنه أدانة الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني عام 83، ولم ينضم لفريق ضد الآخر، وكان ذلك المورد المالي الأساسي للجبهة. وتزامن ذلك مع
2) قطع المساعدة العراقية منذ عام 78 لأنه عارض مؤتمر بغداد لتأييد الحرب على إيران، بل وتم طرد مريديه أيضاً.
3) رفض العودة للوطن تحت العلم الإسرائيلي... (لن أعود إلا ومعي ملايين اللاجئين الفلسطينيين) رغم أن العودة شغفه الأول ولطالما تمنى أن تكتحل عيناه برؤية منزله في اللد وربوع فلسطين.
4) الخلاف مع السوفييت حول القرار 242 ومبادرة بريجينف ولاحقا رؤية غورباتشوف سيما التفكير السياسي الجديد، وبقدر معين البيروسترويكا وتأييده للموقف النقدي منهما، وعدم اتفاقه مع دموية الثورة الثقافية في الصين وقلقه من الإصلاحات الاقتصادية البرجوازية بعدئذ واشتراكية السوق وما حمله ذلك من برود في العلاقة إلى حد القطيعة، في وقت كانت تغدق هذه الدول على المصفقين فضاقت موارده وضاقت الرقعة الجغرافية التي يتحرك فيها.

دون أن ننسى أنه لم يساوم سياسات الرجعية العربية النفطية فحّرمت عليه دخول "أراضيها" وهو الذي ردد مراراً "نفط العرب للعرب" وكتب عن مخاطر الحقبة النفطية ونتائجها ولكن ليرفع شعار كاسترو بعد انهيار الاتحاد السوفييتي (الاعتماد على الذات).

وفي خطابه في جامعة المستنصرية في العراق عام 77 قال (أنني لا أعرف كيف يتخذ القرار الفلسطيني) وبعد خلافه مع عرفات على (لعم) لمشروع ريغن ، وشكوى الأخير من تقصيرات اللجنة التنفيذية وتكاسل البعض قال له: حاسبهم. الفردية ليست الحل... وإذا عرضوا عليك دولة أعلمنا، فإن لم تساندك لن نعترض طريقك...

كان ينأى بنفسه عن "الدجل السياسي" وهذا تعبيره منذ عام 69 وعن الهبوط بالوعي السياسي والنظري، وعن الشعاراتية وعن المماحكات الفئوية كأمراض شائعة في الساحة الفلسطينية، وهذه الاخلالات تبدو لي أحد أسباب عودة المجتمع للخرافة والجبرية العشائرية والمناطقية والتشرذم ، التي هي في عداد آلية من آليات تفكيك الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني.

أيها الرجل التاريخي الكبير:
لقد أتى التاريخ بك مبكراً، ربما بنصف قرن، فوضعك على حد السيف، وانتزعك، والمشهد يتعقد أكثر فأكثر، وتتوالد أسئلته بغزارة في مرحلة التقهقر... فالوضعية الراهنة تطلبك، فأنت رجل الإستراتيجية والتاكتيك والقائل (يجب أن تبقى أنظارنا متجهة نحو الحلقة المركزية... إن أحد قوانين الديالكتيك هو تحديد الموقف المناسب في الوقت المناسب) كيف نفهم اللحظة الراهنة... كيف نميز بين الحساء الهزيل والكلمات الطنانة (بلغة ماركس) وبين الموقف السليم؟ فصدفة غيابك ولدت حيرة وألماً، وربما أن ماركس قد أصاب بالقول (قد يتسم التاريخ بطابع صوفي جدا لو كانت "الصدف" لا تضطلع بأي دور. فإن الصدف هي ذاتها تدخل كجزء لا يتجزأ في السياق العام للتطور... والتسارع والتباطؤ رهن بهذه الصدف التي أرى بينها صدفة طبع الناس الذين يقفون على رأس الحركة) وفي رأيي أن أثر الحكيم أكثر بكثير مما يعتقد ماركس.

ولئن كان ثمة موهوبون، فأنت العبقري، ولئن كانت العبقرية هي "مصابرة العقل" فعبقريتك تتعدى ذلك على حفر درب المستقبل. فتشافيز جاء امتدادا لبوليفار بعد قرن ويزيد، وفولتير جاء امتدادا للتنويريين بعد قرن ويزيد، وبن بيلا جاء امتدادا لعبد القادر الجزائري بعد نصف قرن ويزيد...

لم أتطرق في هذه المقالة التي سالت سطورها بما يشبه عفو الخاطر، لمشروع الحكيم ومآله، أي المشروع القومي/الوطني/الحزبي. وهل كان ثمة فرصة أمام الحزبي في ظل انكسار الوطني، والوطني في ظل انكسار القومي، أم يا ترى أن التوالي ينبغي أن ينعكس. أي لا فرصة لحزبي وطني دون حزبي قومي ولا فرصة لمشروع تحرري وطني دون مشروع قومي ديموقراطي... وما دور العامل الذاتي القيادي الذي أفلح في مرحلة وأخفق في مرحلة أخرى؟

وكيف فهم الحكيم الفكر الماركسي – اللينيني هل هو مؤلفات وكتب أم إنتاج نظري في علاقة جدلية بالملموس والمتغيرات؟ وكيف فهم العملية النضالية هل هي انتفاضة أم حرب شعبية أم حرب عصابات أم نضال سلمي أم نظرية ثورية فلسطينية؟ هذا كله إنما يقتضي مقالة أخرى.

أما حلم الحكيم فإنني أعكف على كتابة دراسة تتعرض لأجزاء منه.

فارقد بسلام، فأنت تسكن في ذاكرة جموع من الناس وأفئدتهم... "فأي عقل قد انطفأ وأي قلب قد توقف عن الخفقان
freedom Routes
freedom Routes
عضو مميز
عضو مميز

عدد الرسائل : 429
تاريخ التسجيل : 10/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل Empty رد: احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل

مُساهمة من طرف غسان السبت مارس 22, 2008 3:15 am

مشكور رفيقي فريدم على هيك موضوع ..
لك مني التقدير
غسان
غسان
عضو مميز جدا
عضو مميز جدا

عدد الرسائل : 524
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 17/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل Empty رد: احمد قطامش00جورج حبش، القائد الجليل

مُساهمة من طرف freedom Routes الأحد مارس 23, 2008 4:44 pm

لا شكر بيننا يا رفيق
فانا اضع مثل هذه المواضيع لاشخاص قليلون جدا
وانت منهم لذلك ان سعيد بقرأتك للمموضوع

تحياتي
freedom Routes
freedom Routes
عضو مميز
عضو مميز

عدد الرسائل : 429
تاريخ التسجيل : 10/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى